السلام عليكم
تقصد بالألعاب الشعبية تلك الالعاب التي كان يمارسها الصبيان والفتيات وحتى الرجال والنساء في وقت الفراغ. والالعاب كانت شائعة في مجتمع ما قبل النفط، حيث كان اللعب يمارس في الاحياء أو (الفرجان)، وفي الساحات وعند ساحل البحر وقد اشتهرت كثير من هذه الألعاب عند العرب قديماً وذاع صيتها.
لقد تناولت العديد من الكتب والدراسات الألعاب الشعبية، كما بدأت وسائل الإعلام والمتاحف تهتم بإحياء هذه الألعاب. أما على مستوى الخليج العربي فقد صدر عام 1978م كتاب عن الألعاب الشعبية الكويتية لمؤلفه سيف مرزوق الشملان، إلى جانب كتاب (لعب العرب) للعلامة أحمد تيمور باشا، وهو من أوائل الكتب التي تحدثت عن الألعاب العربية، وقد ضم مئة وسبع ألعاب، إضافة إلى الألعاب التي وردت في المعاجم وكتب التراث العربي الأخرى.
وللالعاب الشعبية في الإمارات العديد من الفوائد أهمها تعويد الصبي أو البنت الاعتماد على النفس، وحب المعرفة، وتعوده على الحماس والحركة، وتنمي قدراته البدنية، وتساعده على التفكير السريع والابتكار مع تنشيط الذاكرة، كما تغرس المعاني الحميدة لدى النشء وتعودهم على الصبر والمثابرة، وهي علاج نفسي، كما أنها تنمي روح الفريق والجماعة بين الصبيان والبنات.
وللألعاب الشعبية مواعيد وأوقات تمارس فيها، فهي تفقد بعض ميزاتها إذا لعبت في أوقات غير أوقاتها، وللألعاب شروط وقوانين ونظم يلتزم بها اللاعبون، وذلك يجعلهم جادين في أداء اللعب بالتزام تام بقوانينها وأنظمتها.
والألعاب الشعبية في دولة الإمارات تتنوع مع تنوع البيئات، إذ إن لكل بيئة وفريق ألعابهم الخاصة، وتمارس الألعاب بأدوات مأخوذة من البيئة يبتكرها أو يصنعها اللاعبون.
تصنيف الألعاب الشعبية
يمكن تصنيف الألعاب في الإمارات حسب الجنس إلى ألعاب ذكور وألعاب إناث، ويمكن تصنيفها حسب البيئة إلى ألعاب الساحل وألعاب الريف وألعاب البدو، وألعاب سكان الجبل. كما يمكن أن تصنف الألعاب حسب العمر إلى ألعاب الأطفال وألعاب الصبيان وألعاب الفتيات وألعاب الرجال، ويمكن تصنيف الألعاب الشعبية حسب نوع اللعبة وطريقة أدائها إلى ألعاب فردية وألعاب جماعية وألعاب حركية وألعاب ذهنية وألعاب منطقية أو كلامية وألعاب هزجية أو غنائية. وهناك العشرات من الألعاب الشعبية في الإمارات والتي كانت متداولة قبل ظهور النفط ومارسها الأولاد والفتيات في الفرجان والأحياء آنذاك، نذكر منها ما يلي :
أ) ألعاب الأولاد :
من أهم الألعاب التي كان يمارسها الأولاد لعبة القبة أو الكرة، ولعبة عظيم السرا أو عظيم لواح، ولعبة الزبوت، ولعبة ديك دياية، ولعبة حسن ديك، ولعبة حبيل الزيبل (معجال اليربة)، ولعبة سبيت حي ولاّ ميت، ولعبة الجلة، ولعبة الصوير، ولعبة الصبة، ولعبة شبر، ولعبة خيل يريد، والعربانة (الرنك).
القبة أو (الطرة) :
هي من العاب الصبيان المعروفة ويتنافس عليها لاعبان فقط. أما أدوات اللعب فهي عبارة عن القب أي (عصا من الجريد) بطول (45) سم، والقبة (جريدة صغيرة) بطول متر تقريبا، وعند اللعب يقوم أحد الصبيان بوضع القبة على (حصته) أو داخل حفرة ورأسها إلى أعلى، فيحركها بالعصا فإذا تحركت يضربها أو يدفعها إلى الأمام، وعلى اللاعب الآخر لقفها قبل ان تسقط على الأرض، وأحياناً تضرب القبة بأسلوب آخر حيث يمسك اللاعب بالقب ثم يرمي القبة ويضربها بقوة قبل ان تسقط على الأرض.
عظيم السرا :
لعبة جماعية يلعبها الأطفال مساء بواسطة عظم حيوان ويقذفونه إلى أعلى ثم يندفع اللاعبون نحوه، ومن يعثر عليه يهرب به إلى منطقة تسمى (الهول) فإذا وصل اللاعب حامل العظم إلى الهول يعتبر فائزا، وإذا تمكن اللاعبون منه يضربونه بواسطة (المعكال) أو بالعصي حتى يرمي العظم. ولهذه اللعبة عدة أسماء فقد تعرف باسم (عظيم لواح)، وتلعب في الليالي القمرية عندما يكون القمر في ليلة البدر، وقد كان العرب يطلقون على هذه اللعبة (عظيم وضاح).
الزبوت أو (الترتور) :
من الألعاب الجماعية حيث يحضرون الزبوت وهو عبارة عن خشبة مخروطية الشكل وخيط رفيع، وتعرف هذه اللعبة في بعض بلدان الخليج العربي باسم (لبلبولة) أو الدوامة، وهناك عدة أنواع من الزبوت منها (زبوت نشبيل) و(زبوت شلاخ)، وعادة ما تمارس هذه اللعبة في الشتاء، وعند اللعب يلف الخيط على الزبوت ثم يقوم اللاعب برميه على أرض صماء، فيدور وقد يضرب الزبوت بالشلاخ أو بعصا فيزداد دورانه ويتنافس اللاعبون في ذلك.
ديك دياية :
من الألعاب البحرية وتمارس في (الغالة) أي مياه البحر الضحلة، حيث يتجمع عدد من الصبيان ويعملون دائرة ويبدأون بضرب الماء بواسطة إصبع السبابة فإذا خرج صوت يقولون (ديك) أما إذا لم يحدث صوت فيعني ذلك (دياية) أي دجاجة، وكانت هذه اللعبة تمارس في الصيف.
سبيت حي ولاّ ميت :
هي من الألعاب التي تحتاج إلى طول نفس، ومقدرة على عدم التنفس أطول فترة ممكنة. وعند اللعب يدفن اللاعب الذي يطلق عليه اسم سبيت في تربة رميلة إذ يختار الأطفال أحد اللاعبين ويلفون رأسه بقطعة قماش ثم يضعه رأسه في الحفرة ويدفن، ويشكل اللاعبون دائرة ويصيحون : سبيت حي ولا ميت، فإذا قال حي يهيلون عليه التراب أما إذا رفع إحدى يديه أو قال (ميت) فيقومون بإخراجه. وهكذا يتنافس الصبيان على ممارسة هذه اللعبة الخطرة.
الصبة أو الشوط :
لعبة تمارس على الأرض إذ يخططون أربعة مربعات ويبدأ اللاعبان باللعب إذ يحضر كل واحد ثلاث حصوات، وهذه اللعبة تحتاج إلى ذكاء ومقدرة على المراوغة واليقظة، وتمارس في الليالي القمرية، وقد يستخدمون الصخام (السخام) أو البعو، ويتنافس لاعبان على تحقيق إصابات.
الهشت :
من الألعاب الذهنية التي تحتاج إلى يقظة وتفكير وتمارس في أوقات الصيف ويشارك فيها أربعة لاعبين. حيث يحضرون أربع عصي صغيرة من الجريد بطول (10) سم، ويلون ظهر القطع الأربع بلون أسود أو أبيض، وأحيانا يستخدمون (العسق) من عذق النخيل. ويضع اللاعب القطع في يديه ويهزها ثم يرمي بها في المربع الذي توجد في جوانبه حفرة صغيرة، فإذا سقطت العسق وكان اللون الأبيض إلى أعلى تحسب ثمانية، ويحرك قطعة الفحمة في الحفر (كون) حول المربع في ثماني خانات. أما إذا سقطت على الظهر الأبيض أو الأحمر حسب اللون فتحسب له أربعة، وهكذا يتنافس اللاعبون على الوصول إلى نقطة البداية بتحقيق إصابات متتابعة.
خيل يريد :
وهي لعبة بسيطة إذ يحضر الأطفال جريدة نخيل يابسة، ويضعها اللاعب بين رجليه ممسكا بمقدمتها بيد ثم يجري بين (السكيك) أي الأزقة، وهذا اللعبة من ألعاب الصيف، وهناك عدة ألعاب من هذا النوع مثل لعبة (عربانة يريد) وهي أن يحضروا جريدة نخيل خضراء ويقوسون مقدمتها ثم يربطون رأسها بمؤخرتها ويدفعها اللاعب أمامه.
ب) ألعاب البنات :
الجحيف :
الجحيف أو (الحويم) من ألعاب البنات المحببة وتمارس طوال السنة، إذ تحضر الفتيات (جحف) أي قحف من الفخار دائري الشكل ويخططن في الأرض مربعات حسب الشكل المحدد، وعند اللعب تتنافس الفتيات بأن تلقي إحداهن بالجحف في المربع الأول ثم تتحرك على قدم واحدة بالقفز، وتحرك الجحف بأصابع قدمها اليمنى من وإلى نقطة البداية، فإذا تمكنت من إيصال الجحف (الهويم) إلى نقطة البداية عند المربع المستطيل تخرج وتبدأ من جديد بأن ترمي الجحف في المستطيل الثاني وهكذا. ولهذه اللعبة شروط فإذا وضعت اللاعبة قدمها اليمنى في المربع تخرج من اللعب، أما إذا استطاعت إحدى اللاعبات اجتياز المربع الاول والثاني والثالث فإنها تستطيع ان تحقق الفوز، لأن باقي اللاعبات لا يستطعن القفز على ثلاث مربعات لدفع الجحف.
المحاماة :
هي من ألعاب البنات وقد تصاحبها أناشيد وأهازيج ترددها اللاعبات، وعند اللعب تجلس ثلاث لاعبات أو أربع جلسة القرفصاء، ويتحركن بالقفز على القدمين على ان تكون اليدان موضوعتين على الفخذين، ومن تجتاز المساحة حتى الخط النهائي عدة مرات فإنها تكون فائزة على رفيقاتها.
الحبيل :
لعبة شعبية تؤديها البنات إذ يحضرن حبلا طويلا مصنوعا من الكمبار أو ألياف النخيل، وتمسك فتاتان الحبل من الناحيتين وتبدآن بتحريكه إلى أعلى وأسفل بطريقة دائرية، وعندها تدخل إحدى اللاعبات وسط الحبل وتقوم بحركات أو بالقفز بطريقة بهلوانية لا تمس الحبل، وعادة تشد اللاعبات الحبل بقوة وتظهر هنا المهارات البدنية عند البنات وقدرتهن الفائقة على أداء الحركات، وقد تلعب أكثر من لاعبة هذه اللعبة في آن واحد، واثناء اللعب تردد الأناشيد، وتمارس لعبة الحبيل على شاطئ البحر وقت العصر.
خوصة بوصة :
من الألعاب التي تصاحبها الأهازيج إذ تتجمع اللاعبات على شكل دائرة وتجلس لاعبة واحدة في الوسط على ان تكون هذه اللاعبة أكبرهن سنا، وتقوم بترديد الأهازيج وأثناء اللعب تنشد الأناشيد وتحرك إصبعها (السبابة) على ركبة كل فتاة من اللاعبات وتقول عند بدء اللعب :
خـوصــة بـوصــة يالنبوصــــة
كــلاج الـــدود مـــن جــنـــــدود
لــيــن عقـــارب لـــيــن الســود
مرينا على صبي غاوي حماري
يسنــد علــى ضـــو القمـــر...
موزة موزة عطينـــا جــدركــم
بنلاقــي ولـــد محمد بن سلطــان
لادغتنه عقربــــة شقــــربيـــــــة
ما ينـــدرى هـــي خيل ولا مطية
ثم تقول خيل ولد سلطان أو هب ومن تقع عليه الكلمة أثناء تمرير إصبعها (السبابة) على ركبة كل لاعبة فإن هذه الفتاة إما أن تختار ان (تقرص) أو تحرث الرمل أو تخرج من اللعب. فإذا اختارت ان تقرص تقوم اللاعبة الاولى بقرصها قوة بشدة، وتكابر الفتاة الثانية في التحمل فإذا قالت (دوسة مطية)، تخرج أما إذا كابرت وقالت (قرصة خيل) تستمر بقرصها فإذا تحملت القرص تستمر، وهكذا تستمر اللعبة وهي تعتمد على المقدرة على التحمل.
العرائس :
لعبة العرائس أو (الحيا) أو الدمى، وهي ان تصنع البنات دمى باشكال مختلفة من القطن أو القماش من مخلفات الخياطة، وتشكل العرائس بطرق معينة وتتجمع البنات في مكان ما ليلعبن هذه اللعبة المسلية في بيت من الكراتين أي الصناديق الكرتونية حيث تحفظ العرائس عند نهاية اللعبة في الكرتون.
المريحانة :
المريحانة أو (الدرفانة) من اكثر الألعاب الشعبية المحببة إلى الفتيات وتسمى هذه اللعبة (الأرجوحة) أو (الدرفة) و(الدرفانة) وأحياناً يسمونها (الكرمانة). وهي عبارة عن حبل مربوط في غصني شجرة ضخمة مثل السدر أو الرول. وعند اللعب تركب البنت وسط الحبل، وتدفع برجليها إلى الأمام أو تقوم بعض زميلاتها بدفعها، أي تشط بها، ومن ثم تتحرك إلى الأمام والخلف وأثناء ذلك يرددن الأناشيد المصاحبة لهذه اللعبة.
وقد اشتهرت شجرة الرولة في مدينة الشارقة والتي كانت تربط بين أغصانها حبال المراجيح، وكذلك في رأس الخيمة عرف الناس شجرة الرولة التي يتجمعون تحتها يوم العيد ويربطون المراجيح ويلعبون وينشدون ويغنون أعذب الأغاني. وفي الرولة أنشد الشيخ صقر بن سلطان القاسمي حاكم الشارقة 1951 – 1965 م قائلاً:
يـا رولـة في ذارهـا النفــس ســارحـة مني عليك سلام المدنف الشاكي
لا زلت في خاطري والشوق يلعب بي وبـيـن عينــي لــن ينـفــك مرآك
وهناك العشرات من الألعاب الشعبية التي مارسها الصبيان والبنات والصغار في ذلك الوقت، ومن الألعاب الفردية : شنيوب شنيوب والرنك أو الدحروي، وخيل يريد، والحبل، وعربانة حديد، والفرارة، وقرقعانة، وأم النقيع، والكراحيف، وكوكو حمامة.
أما الألعاب الجماعية فمنها : حديد يريد، والتيلة، وتيلفون، وأم لولاد والصقلة – أم الأربع -، وحاسوم ياسوم، والحلقة أو قرقعان، والحلة، والخاتم وخبز رقاق، والخبصة، والدسة والدسيس، ودور دور يا مسمار، والسبي سبوتة، والسخامة، والشكعة، وشبير وشيبة، وشير، والصبة، وصندوق بندوق، وعظيم السرا والكرابي، وكرة مسطاع، وكرة السوط، والكوكسري ولمغاوص، واللقفة، والمجلاع، ومحينيو، وملك ولا وزير، ومن ضربك، وهدوة المسلسل، وهواري أو عداديل، وين طلع الذيب، وليقيرة، وجر الحبل.